*معنى قول الشافعي إذا صح الحديث فهو مذهبي* ...
انظر كيف كان الفرق الشاسع بينما فهمه العلماء و ما فهمه ابناء العصر...
سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب
*قال الإمام النووي* رحمه الله في مقدمة شرحه على الوسيط للغزالي :
( *صح عن الشافعي رحمه الله أنه قال: إذا وجدتم في كتابي هذا خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولو بالسنة ودعوا قولي* )
وفي رواية *إذا صح الحديث خلاف قولي، فاعملوا بالحديث واتركوا قولي) أو قال( فهو مذهبي*)
ورووا هذا المعنى بألفاظ مختلفة. وقد عمل بهذا أصحابنا في مسألة التثويب واشتراط التحلل في الإحرام بعذر المرض، وغيرهما من المسائل المعروفة في كتب المذهب.
وممن حُكي عنه من أصحابنا الإفتاء على مذهب الشافعي بالحديث نصه أبو يعقوب البويطي وأبو القاسم الداركي وممن نص عليه الإمام أبو الحسن الكيا الهراسي صاحب إمام الحرمين في كتابه في الأصول
*و صرح أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث باستعماله، ولم يقع ذلك إلا نادرا في مسائل قليلة*، ومنه ما للشافعي فيه قول على وفق الحديث،
وهذا الذي قاله الشافعي *ليس معناه أن كل من رأى حديثا صحيحا قال: هذا مذهب الشافعي وعمل بظاهره، وإنما هذا فيمن له رتبة الاجتهاد في المذاهب أو قرب منه*
، *وشرطه أن يكون له خبرة بالأحاديث بحيث يغلب على ظنه أنه لا يعارضه حديث يترجح عليه، وأن يغلب على ظنه أن الشافعي لم يقف أو لم يعلم بصحته*
*وهذا إنما يكون بعد مطالعته كتب الشافعي كلها ونحوها من كتب الآخذين عنه، وسائر أصحابه*
*وهذا شرط صعب قل من يتصف به*
وانما شرطوا ما ذكرناه، لأن الشافعي رحمه الله ترك العمل بظاهر أحاديث كثيرة رآها وعلمها، لكن قام الدليل عنده على طعن فيها أو نسخها أو تخصيصها أو تأويلها أو نحو ذلك.
قال *الشيخ أبو عمرو بن الصلاح* رحمه الله:
" *ليس العمل بظاهر ما قاله الشافعي بالهين، فليس كل فقيه له الاستقلال بالعمل بما يراه حجة من الحديث*، وممن سلك هذا المسلك من الشافعيين من عمل بحديث تركه الشافعي عمدا مع علمه بصحته لمانع اطلع عليه وخفي على غيره كأبي الوليد موسى بن أبي الجارود صاحب الشافعي قال صح حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" فردوا ذلك على أبي الوليد *لأن الشافعي تركه مع علمه بصحته لكونه منسوخا عنده وبيّن الشافعي نسخه واستدل عليه*.
وقد روينا عن *إمام الأئمة أبي بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة*
أنه قال: " *لا أعلم سنة صحيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يودعها الشافعي كتبه*"
*وجلالة ابن خزيمة وإمامته في الحديث والفقه ومعرفته بكتب الشافعي بالمحل المعروف فإنه أحد ملازمي المزني*.
قال *الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح*:
" *فمن وجد من الشافعية حديثا يخالف مذهبه فإن كملت شرائط الاجتهاد فيه مطلقا، أو في ذلك الباب أو المسألة استقل بالعمل به*
، و *إن لم تكمل وشق عليه مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد جوابا شافيا فله العمل به إن كان عمل به إمام مستقل غير الشافعي وكون هذا له عذرا في ترك مذهب إمامه هنا وهذا الذي قاله حسن متعين*. والله أعلم
عبد الرحمن أبو عائشة الشافعي