Minggu, 31 Agustus 2025

هل يُعْذَرُ عوامُّ الخارجين على السلطان بجهلهم -لأنهم جُهَّالٌ لم يتعلموا العقيدةَ والمنهجَ-؛ فلا يُطْلَقُ عليهم لَقَبُ «الخوارج» -فلا يُقالُ عنهم أنهم مِن الخوارج -مع أنَّ فِعْلَهم يُسَمَّى «خروجًا»-؟!

هل يُعْذَرُ عوامُّ الخارجين على السلطان بجهلهم -لأنهم جُهَّالٌ لم يتعلموا العقيدةَ والمنهجَ-؛ فلا يُطْلَقُ عليهم لَقَبُ «الخوارج» -فلا يُقالُ عنهم أنهم مِن الخوارج -مع أنَّ فِعْلَهم يُسَمَّى «خروجًا»-؟!

فأقول وبالله التوفيق :

لا يُعْذَرُ الخارجون على الأئمة؛ لأنهم أصحاب هوى!، قد طَرَقَ سَمْعَهم حُرْمَةُ ما يفعلونه!؛ فلم يرجعوا لأهلِ العلمِ الكبارِ، بل اتبعوا أهواءَهم بغير علمٍ!!.

قال الشَّاطبيُّ في «الاعتصام» (1/ 347):
«الصَّغيرُ والكبيرُ من المُكلَّفينَ, والشَّريفَ والدَّنيئ, والرَّفيعَ والوضِيعَ = في أحكَامِ الشَّريعةِ سواءٌ، فكُلُّ مَن خرجَ عن مُقتضَى هذا الأصلِ؛ خرَجَ من السُّنةِ إلى البدعةِ, ومِن الاستِقامةِ إلى الإعوِجاجِ!!»اهـ.

ولهذا ذكر ابنُ القيم في «طريقِ الهِجرتين» ص(411) من طبقات أهل التكيلف: (طبقة المقلدين، وجهال الكَفرة) الذين هم أتباعٌ لغيرِهم!.

وذكر الشّاطبيُّ في «الاعتصام» (1/ 271) المبتدعَ المقلدَ لغيرِه؛ فقال:
«وهذا حالُ مَن بُعِثَ فيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم تركوا دِينَه الحق، ورجعوا إلى باطلِ آباءهِم، ((و لم ينظروا نَظرَ المُستَبصرِ)) حتى يفرقوا بين الطريقينِ، وغطى الهوى على عقولِهم دون أن يبصِروا الطريقَ، فكذلك هذا النوع»اهـ

وقال أيضًا -(1/ 277)-:
«إذ كان حقُّ مَن هذا سبِيلُه أن ينظرَ في الحق إذا جاءه، ويبحثَ عنه، ويتأنى، ويسألَ حتى يتبينَ له الحقُّ فيتبِعه، والباطلُ فيجتنِبه»اهـ

وقال شيخُ الإسلامِ كما في «الفتاوى» (7/ 682):
«والجاهلُ عليه أن يرجعَ ولا يُصرُّ على جهله، ولا يخالفُ ما عليه علماءُ المُسلمين؛، فإنه يكونُ بذلك مبتدِعًا جاهلاً ضالَّاً!!»اهـ فكم بابتداعه مع جهله!.

ولذا قالتِ «اللجنةُ الدائمةُ» (2/ 376) -بِرئاسِة ابن بازٍ، ونيابةِ العفيفي- وقد سُئلوا : هل هناك فرقٌ بين علماءِ أي فِرْقةٍ من الفِرقِ الخارِجةِ عنِ الملةِ، وبين أتباعِها من حيثُ التكفيرِ والتفسيقِ، قالوا: مَن شايَعَ -من العوام- إمامًا من أئمةِ الكُفرِ والضلالِ، وانتصَرَ لِساداتِهم وكُبراءهم بغيًا وعَدوًا؛ حُكمَ له بِحُكمِهِم كُفرًا وفِسقًا»اهـ

فإن الجاهلَ المُصِرَّ على الباطلِ تَبعًا لأهلِ العناد والمُشاقَّةِ = رَادٌّ للحجة التي لا يُعذَرُ مَن خالَفها، وغيرُ مُريدٍ لها إذ دَفَعَها!، ولم يلتفت إليها؛ تصميمًا على اتباعِ السادة والأشراف!، أو شيخ الطريقة!، فُحجَّةُ اللهِ عليه قائمةٌ، وإن لم يدرك وجْهَ خطأِه؛ لأنه بهذا الطريقِ مُعْرضٌ عن الحق، لأنه رَدَّهُ ودَفَعَهُ ((مع تمكنه منه))، وهذا هو حالُ مَن كفَّرهُم اللهُ من الأتباعِ الكَفرة الذين سبق ذكرُهم.

وإنما يكون الجهل بالحق مانِعًا مِن الحكمِ بما تقتضيِه الشريعةُ في حقِّ المُخالفِ :
1- إذا عَدِمَ المبَيِّن للحق المرشد إليه بالكلية،
2- ولم يَطْرُقْ سَمْعَهُ -مطلقًا- ما يخالف ما هو عليه.
وهوَ الذي يقول أهلُ العلمِ فيه: «لابُد مِن إقامة الحجة على أهِله قبل الحُكمِ».

وقد أوضحَ هذا ابنُ القيِّمِ في «طريقِ الهِجرتينِ» ص(412), بعدَ أن ذكرَ أنَّ حكمَ الأتباعِ الجُهَّالِ المُقلِّدةِ حُكمَ متبُوعِيهم, فقال:
«نَعَم لا بُدَّ في هَذا المَقامِ مِن تفصِيلٍ بهِ يَزولُ الإشكَالُ، وهُوَ الفَرقُ بينَ:
1- مُقلِّدٍ تمكَّنَ من العلمِ، ومَعرفةِ الحقِّ؛ فأعرضَ عنهُ.
2- ومقلِّدٍ لم يتَمكَّنْ من ذلكَ بوجهٍ.
والقسمانِ واقعانِ في الوُجودِ.
1- فالمُتمكِّنُ المُعرضُ = مفرِّطٌ، تَارِكٌ للواجبِ عليهِ لا عذرَ لهُ عندَ اللهِ.
2- وأمَّا العَاجزُ عن السؤالِ والعلمِ الذي لا يَتمكَّنُ من العلمِ فَهم قسمانِ -أيضاً-:
أ- أحدُهما:
مريدٌ للهُدَى، مُؤثِرٌ لهُ، مُحِبُّ غيرُ قَادرٍ عليهِ، ولا عَلى طَلبِه، لعَدَمِ مَن يُرشِدُه؛ فَهذا حُكمُه حُكمَ أربابِ الَفتراتِ، وَمَن لَم تَبلغُهُ الدَّعوةُ.
ب- الثَّاني:
معرضٌ لا إِرادَةَ لهُ، ولا يُحدِّثُ نفسَه بغيرِ ما هوَ عليهِ... راضٍ بِما هوَ عليهِ، لا يُؤثِرُ غيرَهُ عليهِ، ولا تَطلبُ نفسُه سواهُ، ولا فرقَ عندَهُ بينَ حالِ عَجزِه وقُدرتِه، وكِلاهُما عاجزٌ... -فَفَرقٌ بَينَ عَجزِ الطَّالبِ وعَجزِ المُعرِضِ!!»اهـ

وأكثر هؤلاء الخوارج على السلطان -من العوام!-:
إذا دخلتَ في إحدى صفحاتهم لتنصحهم؛ فإنهم يشتمونك بأقذع الشتائم!! ويكيلون لك أشد الاتهامات!!؛ فهؤلاء معرضون، لذلك فهم مبتدعة خوارج!! ولا يعذرون بجهلهم بحال!!.

ومما يدل على صحة هذا التأصيل في الخارجين على السلطان -خصوصًا-:

1- قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»

فقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا حُجَّةَ لَهُ» = صريح في أنه لا عُذْرَ له فيما فعله من نبذ الطاعة ومفارقة الجماعة. انظر: «شرح النووي على مسلم» (12/ 240)

2- أن الصحابة لم يقيموا الحجة على كل الخوارج، ومع ذلك فقد وصفهوهم عالمهم وجاهلهم على السواء بأنهم من الخوارج!!.

قال ابن أبي زيد القيرواني في «الجامع» -وبنحوه القرافي-: «ومن قول أهل السنة: إنه لا يُعْذَرُ مَن أدَّاهُ اجتهادُهُ إلى بدعة؛ لأن (الخوارج) اجتهدوا في التأويل؛ فلم يُعْذَروا إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة، فسماهم عليه الصلاة والسلام "مارقين من الدين" وجعل المجتهد في الأحكام مأجورًا، وإن أخطأ»اهـ.

3- ثم إن الدين ليس مُغَيَّبًا عن أكثر هؤلاء!!؛ فكيف نعذرهم وهم متمكنون من الحق ومعرضون عنه ؟!

فهؤلاء يدخلون على "الإنترنت" و"الفيسبوك" ومعهم أجهزة محمولة وهناك الجرائد، والقنوات، والإذاعات، والكتب والمقالات المصورة، وغير ذلك من وسائل الإعلام والتعليم المتنوعة!.

فلماذا يُعْرِضون عن كل ذلك مع أنه قد طَرَقَ سَمْعَهُمْ حُرْمَةُ ما يفعلونه من الخروج على سلطان المسلمين وتفريق الكلمة ؟!، فما ذلك إلا لأنهم يريدون اتباع أهواءهم؛ فلذلك لا يُعْذَرون بالجهل.

والله المستعان.

Diambil dari : kulalsalafiyeen.com